الجمعة 06 ديسمبر 2024 - 01:20 صباحاً - القاهرة

     

 

 

               

 

  أحدث الأخبار

 



 

  الأكثر قراءة

 
 


نتائج

 



 
 
 

الجيش المصري والإرهاب الدولي


د/ياسر طنطاوى
السبت 08 سبتمبر 2018 01:55:48 صباحاً




يحتفظ الجيش المصري في وجدانه بعقيدة أساسية يتم اختزالها في عبارة واحدة من كلمتين (الله- الوطن) السماء والأرض، السماء لله والأرض يعيش عليها الجميع، ويحرسها الجيش ويدافع عنها، فمصر أنشأت أول جيش نظامي في العالم قبل 3200 عام ق.م، وقد كان الجيش المصري أقوى جيش في العالم؛ وبفضله أنشأت مصر أول إمبراطورية في العالم وهي الإمبراطورية المصرية الممتدة من تركيا شمالاً إلى الصومال جنوباً، ومن العراق شرقاً إلى ليبيا غرباً، وعندما أعاد محمد علي بناء جيش مصر النظامي تمكّن الجيش من الوصول للآستانة؛ مما أدى لإذعان السلطان العثماني لإبراهيم باشا في معركة قونية 1832م، كما تم الانتصار أيضاً على الجيش العثماني في معركة نصيبين عام 1839م، كما انتصر الجيش المصري على حامية عكا عام 1831م وكان هذا الانتصار من أعظم الانتصارات التي حققها الجيش المصري لأن عكا استعصى فتحها على نابليون بونابرت، كما قام الجيش المصري بانتصار رائع في معركة حطين عام 1189م بقيادة صلاح الدين الأيوبي ضد الصليبيين، وتم تتويج هذه الانتصارات بحرب أكتوبر المجيد عام 1973م، وبالرغم من إعلان موقع سي إن إن بأن الجيش المصري ضمن أقوى 10 جيوش في العالم إلا أنه يتفوق من حيث قدراته البشرية والتي أكدت عليها كافة المصادر وخاصة الأعداء أنفسهم، فقد وردت أفلام تسجيلية إسرائيلية عن حرب أكتوبر أكدوا خلالها استحالة قيام أشخاص بقدرات ومناورات كالتي قام بها المصريون خلال الحرب، حيث تمكن الجيش المصري عبر قدراته البشرية وخططه المحكمة من معادلة الحرب بالرغم من أحدث أنواع الأسلحة التي وصلت من الولايات المتحدة الأمريكية عبر الجسر الجوي.لحروب التي خاضها الجيش المصري كانت حروبا نظامية بمعنى أنها جيش أمام جيش، ولكن ما قام به الجيش عقب ثورة 25 يناير 2011 هو إنجاز بكل المقاييس، فبعد انهيار جهاز الداخلية وفتح السجون وهروب المساجين وانتشار الأسلحة والحرائق والسرقة والنهب ونزول المواطنين للشارع للدفاع عن أنفسهم وأهلهم، كان من الممكن خلال هذه الفترة أن تتحول مصر وبسرعة بالغة لمرتع لقوات داعش والفصائل المسلحة المختلفة وصراعات داخلية مماثلة لما يحدث الآن في سوريا وليبيا، ولن يكون بمقدار القوى المدنية مجابهة مثل هذه الأخطار؛ لذلك كان واجبا وطنيا نزول القوات المسلحة لحماية الدولة وحماية المواطنين فالعدو الداخلي أقوى تأثيراً وفساداً من العدو الخارجي والذي وقف هو أيضاً متربصاً لأي تحركات، منتهزاً الفرصة للانقضاض؛ وبالفعل كانت هناك تحركات ولكنها باءت بالفشل أمام النسيج المصري المتماسك بين المسلمين والمسيحيين وبين الجيش والشعب، وثبت بالفعل مدى المخاطر التي كانت وما زالت تحيط بمصر، ولولا وجود قوة عسكرية متمثلة في الجيش المصري لانهارت الأوضاع الداخلية أكثر مما كانت عليه، حيث شهدت مصر في تلك الفترة العديد من الانهيارات وخاصة في مجال الاقتصاد وللسياحة وتراجع الاحتياط النقدي؛ الأمر الذي تطلب تدخلاً آخر من القوات المسلحة للمساعدة على تخطي هذه الأزمات، لقد وقفت إسرائيل عاجزة عن الكلام أمام انتصار حرب أكتوبر أمام عزيمة وإيمان الجندي المصري المردد لعبارة «الله أكبر» بعد ترويجها لأسطورة الجندي الإسرائيلي الذي لا يقهر، ولكنها تقف حالياً أكثر عجزاً أمام ما حققته قوات الجيش والشرطة من انتصارات في سيناء وخصوصاً جبل الحلال.


 


ما تعانيه مصر حالياً هو إرهاب دولي يغزو المنطقة بأكملها تتعاون فيه العديد من أجهزة المخابرات العالمية من أجل تدمير المنطقة والسيطرة على مقدراتها مع استغلال اسم الإسلام في هذا العنف والخراب الدائر، لذلك نحتاج جميعاً للمساهمة في توعية وتثقيف المجتمع لمواجهة هذا الطوفان المتمثل في التطرف الفكري ليكون الشعب هو حائط الصد الأول ضد هذه الهمجية والبربرية التي تسعى للقضاء على الحضارة في المنطقة؛ حيث تقف مصر وحدها في مواجهته ومواجهة العديد من التحديات الصعبة من أجل توفير نعمة الأمن للمواطن وخاصة البسيط الذي عرف بفطرته مقدار المخاطر التي يمكن أن تتعرض مصر لها، ما دفعني لكتابة هذا المقال هو الترحم على أرواح شهداء الجيش والشرطة الذين ضحوا بأرواحهم وما زال غيرهم الكثير على استعداد للتضحية بروحه في سبيل حربهم ضد هذا الإرهاب الدولي الجبان والغادر- الذي عجزت جيوش دول كبرى عن مواجهته- وتقديراً أيضاً لدور القوات المسلحة في الدفاع عن الوطن في مرحلة حرجة من تاريخه، حيث ستدون هذه الملحمة بكافة تفاصيلها في يوم من الأيام ليعلم الجيل الجديد قوة وحضارة الشخصية المصرية التي تمثلت في أروع أشكالها في تلاحم قوى الشعب والجيش.